ثمة خلل عميق في تصوير الواقع لدى سياسيينا وجماهيرنا على حد سواء . فالحديث عن مطلب فلسطيني يسعى لمد التهدأة المتواضعة السارية في قطاع غزة لتشمل الضفة الغربية ، مع رفض صهيوني لهذا المطلب . يشكل قلبا لكل المفاهيم .
إن الحرص على الوحدة السياسية لإقليم ولاية السلطة الوطنية ، والحرص على عدم تجزأة الأرض والشعب يجب ألا يتحول إلى رعب يمنعنا من إدراك حقيقة الأمور .
لقد شكلت سيطرة ، أو وجود ، قوات الإحتلال بشكل مباشر على قطاع غزة ، عبئا على هذا الإحتلال منذ بواكير قدوم هذا الإحتلال . في حين أن الضفة الغربية شكلت جزءا هاما من إستراتيجية مطامع هذا الإحتلال . وفي حين تمكن هذا الإحتلال من تنفيذ إنسحابا من جانب واحد في قطاع غزة ، مكنه من التحلل من الإلتزامات السياسية والقانونية التي يفرضها وجود الإحتلال ، فإن مخططا كهذا للضفة الغربية لم يتح له أن يرى النور على أرض الواقع ، وأجزم بأن شارون نفسه لو قيض له البقاء على رأس سدة الحكم في الكيان الصهيوني ، لم يكن ليتمكن من تنفيذ خطة الإنسحاب من جانب واحد من الضفة .وذلك بكل بساطة لأن ظروف الموقعين مختلفة جد الإختلاف .
وإذا كانت الرؤية الفلسطينية للتهدأة في قطاع غزة ، ترنو لتحقيق العديد من الأهداف منها إعطاء فرصة للعملية السياسية ، ومنها منح قطاع غزة فرصة إلتقاط النفس بحثا عن إمكانيات التطوير والإستثمار ، لتحقيق بعض النمو الإقتصادي لأوضاع القطاع المزرية ... فإن الظروف تختلف في الرؤية الفلسطينية ، أيضا ، للوضع في الضفة الغربية .
فأمام سلسلة ممارسات يومية ، لاتتوقف ، من إغتيالات واعتقالات إلى كل أشكال تضييق الخناق على كل نواحي الحياة ، وأمام مماطلة كيان العدو في تنفيذ إلتزامات سابقة مطلوبة منه بحكم إتفاقيات تم توقيعها ، ومع تهرب القيادة السياسية لهذا الكيان من الدخول في مفاوضات حقيقية ، ومحاولتها حصر لقاءات أبو مازن ـــ أولمرت بعملية إبتزاز لرفع هذا الحاجز أو ذاك ، ودون أي إمكانية منظمورة لتحقيق إختراق سياسي في عملية التفاوض ..... أمام مجمل هذا الوضع ودون أن ينسى أحدا أننا لازلنا في مرحلة إفتراضية بين الثورة والدولة . أمام هكذا واقع ، يكون المطلوب فلسطينيا رفض ، وليس طلب ، أي هدنة مع الإحتلال . يكون المطلوب هو تصعيد العمل المقاوم المستهدف لكل أشكال التواجد الصهيوني على أراضي الضفة الغربية . ويكون المطلوب من خروقات التهدأة التي تجري في ومن غزة ، أن تشكل سندا وتنفيسا لإحتقانات محتملة في الضفة .
أما أن تكون التهدأة في غزة إنتقائية من جانب العدو ، وتكون التهدأة في الضفة مطلبا فلسطينيا مرفوضا من قبل هذا العدو ، فهو يشكل فعلا خللا وقلبا للمنطق ، الذي ينطلق من أننا ثورة تسعى لتغيير واقع فاسد هو الإحتلال ، عبر العمل المقاوم لإجبار هذا الإحتلال على الرحيل . فيصبح الحال وكأننا المعتدون الذي تقاومهم القوات الصهيونية لردعهم عن الإعتداء على وجودها ومؤسساتها ومصالحها .
نحن الذين نتعرض لإحتلال ، ونحن الذين نسعى للتحرير بكل الوسائل ، والمقاومة المسلحة جزءا إستراتيجيا من وسائلنا المقاومة .
إن مطلب تمديد الهدنة أو التهدأة لتشمل الضفة في غياب التهدأة الواقعية في غزة ، وتعرضنا للإعتقال والإغتيال اليومي في الضفة ، مع تغييب الأفق السياسي ، يعني أننا نستسلم للواقع والمنطق الإحتلالي ونلغي كل خياراتنا .
المطلوب أن تشتعل أرض الضفة في كل شبر يطأه الإحتلال ، وأن تشكل خروقات التهدأة في غزة سندا لها سياسيا وعسكريا .
لسنا طلاب تهدأة ، والمطلوب تصعيد المقاومة .
تحياتي
وإنها لثورة حتى النصر
ملاحظة : كتب الموضوع بتاريخ 21/ 4 2007