منتدى الأب الشهيد ياسر عرفات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الأب الشهيد ياسر عرفات


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حياة الرسول (ص)1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
القلق
مشرف ملتقى الشهيد ياسر عرفات
مشرف ملتقى الشهيد ياسر عرفات
القلق


عدد الرسائل : 535
العمر : 30
العمر : : 15
احترام قوانين المنتدى : : حياة الرسول (ص)1 111010
الدولة : : حياة الرسول (ص)1 Flag211
تاريخ التسجيل : 13/02/2008

حياة الرسول (ص)1 Empty
مُساهمةموضوع: حياة الرسول (ص)1   حياة الرسول (ص)1 Empty2008-02-14, 14:34

كل شي عن رسول الله (صلى الله علية وسلم) من مولدة وحتى وفا ته موسوعة كاملة
عــــــام الفيل
كان سبب قصة أصحاب الفيل - على ما ذكر محمد بن إسحاق - أن أبرهة بن الصباح كان عاملا للنجاشي ملك الحبشة على اليمن فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة - شرفها الله - فبنى كنيسة بصنعاء . وكتب إلى النجاشي " إني بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها ، ولست منتهيا حتى أصرف إليها حج العرب " فسمع به رجل من بني كنانة فدخلها ليلا . فلطخ قبلتها بالعذرة . فقال أبرهة من الذي اجترأ على هذا ؟ قيل رجل من أهل ذلك البيت سمع بالذي قلت . فحلف أبرهة ليسيرن إلى الكعبة حتى يهدمها . وكتب إلى النجاشي يخبره بذلك فسأله أن يبعث إليه بفيله . وكان له فيل يقال له محمود لم ير مثله عظما وجسما وقوة . فبعث به إليه . فخرج أبرهة سائرا إلى مكة . فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم . فخرج ملك من ملوك اليمن ، يقال له ذو نفر . فقاتله . فهزمه أبرهة وأخذه أسيرا فلما أراد قتله قال له ذو نفر أيها الملك لا تقتلنى واستبقنى، خيرا لك ، فاستبقاه وأوثه . وكان أبرهة رجلا حليما . فسار حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه نفيل بن حبيب الخثعمي ، ومن اجتمع إليه من قبائل العرب . فقاتلوهم فهزمهم أبرهة . فأخذ نفيلا ، فقال له أيها الملك إنني دليلك بأرض العرب ، وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة . فاستبقني خيرا لك . فاستبقاه . وخرج معه يدله على الطريق. فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف . فقال له أيها الملك نحن عبيدك . ونحن نبعث معك من يدلك . فبعثوا معه بأبي رغال مولى لهم . فخرج حتى إذا كان بالمغمس مات أبو رغال ، وهو الذي يرجم قبره . وبعث أبرهة رجلا من الحبشة - يقال له الأسود بن مفصود - على مقدمة خيله وأمر بالغارة على نعم الناس . فجمع الأسود إليه أموال الحرم . وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير . ثم بعث رجلا من حمير إلى أهل مكة ، فقال أبلغ شريفها أنني لم آت لقتال بل جئت لأهدم البيت . فانطلق فقال لعبد المطلب ذلك . فقال عبد المطلب : ما لنا به يدان . سنخلي بينه وبين ما جاء له . فإن هذا بيت الله. وبيت خليله إبراهيم . فإن يمنعه فهو بيته وحرمه . وإن يخل بينه وبين ذلك فوالله ما لنا به من قوة . قال فانطلق معي إلى الملك - وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب - فأتاه فقال يا ذا نفر هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشيا ، ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل فإنه لي صديق فأسأله أن يعظم خطرك عند الملك . فأرسل إليه فقال لأبرهة إن هذا سيد قريش يستأذن عليك . وقد جاء غير ناصب لك ولا مخالف لأمرك ، وأنا أحب أن تأذن له.وكان عبد المطلب رجلا جسيما وسيما . فلما رآه أبرهة أعظمه وأكرمه . وكره أن يجلس معه على سريره . وأن يجلس تحته . فهبط إلى البساط فدعاه فأجلسه معه . فطلب منه أن يرد عليه مائتي البعير التي أصابها من ماله .فقال أبرهة لترجمانه قل له إنك كنت أعجبتني حين رأيتك . ولقد زهدت فيك . قال لم ؟ قال جئت إلى بيت - هو دينك ودين آبائك ، وشرفكم وعصمتكم - لأهدمه . فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير ؟ قال أنا رب الإبل . والبيت له رب يمنعه منك . فقال ما كان ليمنعه مني . قال فأنت وذاك . فأمر بإبله فردت عليه . ثم خرج وأخبر قريشا الخبر . وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ويتحرزوا في رءوس الجبال خوفا عليهم من معرة الجيش . ففعلوا . وأتى عبد المطلب البيت . فأخذ بحلقة الباب وجعل يقول
يا رب لا أرجو لهم سواكا يا رب فامنع منهم و حماكا
إن عدو البيت من عاد اكا ف امنعهم و أن يخربوا قراكا
وقال أيضا : لا هم إن المرء يمــــــــنع رحله وحلاله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهــــم و محالهم غدوا محالك
جروا جموعهم وبلادهم والفيل كي يسبوا عيالك
إن كنت تاركهم وكعـ بتنا فأمر ما بدا لك
ثم توجه في بعض تلك الوجوه مع قومه . وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول . وعبأ جيشه . وهيأ فيه . فأقبل نفيل إلى الفيل . فأخذ بأذنه . فقال ابرك محمود . فإنك في بلد الله الحرام . فبرك الفيل فبعثوه فأبى . فوجهوه إلى اليمن ، فقام يهرول . ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك . ووجهوه إلى المشرق ففعل ذلك . فصرفوه إلى الحرم فبرك . وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل فأرسل الله طيرا من قبل البحر مع كل طائر ثلاثة أحجار . حجران في رجليه وحجر في منقاره . فلما غشيت القوم أرسلتها عليهم . فلم تصب تلك الحجارة أحدا إلا هلك . وليس كل القوم أصابت . فخرج البقية هاربين يسألون عن - 36 - نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن . فماج بعضهم في بعض . يتساقطون بكل طريق ويهلكون على كل منهل . وبعث الله على أبرهة داء في جسده . فجعلت تساقط أنامله حتى انتهى إلى صنعاء وهو مثل الفرخ . وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ثم هلك
مولد الرسول عليه الصلاه و السلام
• تزوج عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم؛ وعمره ثماني عشرة سنة ، وهي يومئذ من أفضل نساء قريش نسباً وأكرمهم خلقاً. ولما دخل بها حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وسافر والده عبد الله عقب ذلك بتجارة له إلى الشام فأدركته الوفاة بالمدينة (يثرب) وهو راجع من الشام ، ودفن بها عند أخواله بني عدى بن النجار، وكان ذلك بعد شهرين من حمل أمه آمنة به صلى الله عليه وسلم.
وقد توفي والد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يترك من المال إلا خمساً من الإبل وأمَته (أم أيمن).ولما تمت مدة الحمل ولدته صلى الله عليه وسلم بمكة المشرفة في اليوم الثانى عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، الذي يوافق سنة 571 من ميلاد المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وهو العام الذي أغار فيه ملك الحبشة على مكة بجيش تتقدمه الفيلة قاصداً هدم الكعبة (البيت الحرام) فأهلكهم الله تعالى.
كانت ولادته صلى الله عليه وسلم في دار عمه أبي طالب في شِعْب بني هاشم، أي مساكنهم المجتمعة في بقعة واحدة، وسماه جده عبد المطلب (محمداً) ولم يكن هذا الاسم شائعاً إذ ذاك عند العرب ولكن الله تعالى ألهمه إياه فوافق ذلك ما جاء في التوراة من البشارة بالنبي الذي يأتي من بعد عيسى عليه الصلاة والسلام مسمى بهذا الاسم الشريف، لأنه قد جاء في التوراة ما هو صريح في البشارة بنبي تنطبق أوصافه تمام الانطباق على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: مسمى، أو موصوفا بعبارة ترجمتها هذا الاسم، كما جاءت البشارة به صلى الله عليه وسلم على لسان عيسى عليه الصلاة والسلام باسمه أحمد، وقد سمى بأحمد كما سمى بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وكانت قابلته صلى الله عليه وسلم الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف وحاضنته أم أيمن بركة الحبشية أَمَة أبيه عبد الله، وقد ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم وُلد مختوناً، وورد أيضا أن جده عبد المطلب ختنه يوم السابع من ولادته الذي سماه فيه..
• ولـد سيـد المرسلـين صلى الله عليه وسلم بشـعب بني هاشـم بمكـة في صبيحـة يــوم الاثنين التاسع مـن شـهر ربيـع الأول، لأول عـام مـن حادثـة الفيـل، ولأربعـين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان، ويوافق ذلك عشرين أو اثنين وعشرين من شهر أبريل سنة 571 م حسبما حققه العالم الكبير محمد سليمان ـ المنصورفورى ـ رحمه اللـه‏.‏ وروى ابــن سعــد أن أم رســول الله صلى الله عليه وسلم قالــت ‏:‏ لمــا ولـدتــه خــرج مــن فرجـى نــور أضــاءت لـه قصـور الشام‏.‏ وروى أحمد والدارمى وغيرهمـا قريبـًا مـن ذلك‏.‏ وقد روى أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، روى ذلك الطبرى والبيهقى وغيرهما‏.‏ وليس له إسناد ثابت، ولم يشهد له تاريخ تلك الأمم مع قوة دواعى التسجيل‏.‏
ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده، فجاء مستبشرًا ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له‏.‏ واختار له اسم محمد ـ وهذا الاسم لم يكن معروفًا في العرب ـ وخَتَنَه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون‏.‏
وأول من أرضعته من المراضع ـ وذلك بعد أمه صلى الله عليه وسلم بأسبوع ـ ثُوَيْبَة مولاة أبي لهب بلبن ابن لها يقال له‏:‏ مَسْرُوح، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي‏
• ذكر ما قيل لآمنة عند حملها برسول الله صلى الله عليه وسلم
رؤيا آمنة ويزعمون - فيما يتحدث الناس والله أعلم - أن آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تحدث ‏‏‏:‏‏‏
أنها أُتيت ، حين حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل لها ‏‏‏:‏‏‏ إنك قد حملت بسيد هذه الأمة ، فإذا وقع إلى الأرض فقولي ‏‏‏:‏‏‏ أعيذه بالواحد ، من شر كل حاسد ، ثم سميه محمدا ‏‏‏.‏‏‏ ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى ، من أرض الشام ‏‏‏.‏‏‏ ‏‏
• رواية حسان بن ثابت ، عن مولده صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق ‏‏‏:‏‏‏ وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف ، عن يحيى بن عبدالله بن عبدالرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري ‏‏‏.‏‏‏ قال ‏‏‏:‏‏‏ حدثني من شئت من رجال قومي عن حسان بن ثابت ، قال ‏‏‏:‏‏‏ والله إني لغلام يفعة ، ابن سبع سنين أو ثمان ، أعقل كل ما سمعت ، إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب ‏‏‏:‏‏‏ يا معشر يهود ، حتى إذا اجتمعوا إليه ، قالوا له ‏‏‏:‏‏‏ ويلك ما لك ‏‏‏؟‏‏‏ قال ‏‏‏:‏‏‏ طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به
• إعلام أمه جده بولادته صلى الله عليه و سلم وما فعله به
قال ابن إسحاق ‏‏‏:‏‏‏ فلما وضعته أمه صلى الله عليه وسلم ، أرسلت إلى جده عبدالمطلب ‏‏‏:‏‏‏ أنه قد ولد لك غلام ، فأته فانظر إليه ؛ فأتاه فنظر إليه ، وحدثته بما رأت حين حملت به ، وما قيل لها فيه ، وما أمرت به أن تسميه ‏‏‏.‏‏‏
• فرح جده به صلى الله عليه و سلم ، و التماسه له المراضع
فيزعمون أن عبدالمطلب أخذه ، فدخل به الكعبة ؛ فقام يدعو الله ، ويشكر له ما أعطاه ، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها ‏‏‏.‏‏‏ والتمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرضعاء ‏‏‏.‏‏‏
رضاعه - صلى الله عليه وسلم
• أرضعته صلى الله عليه وسلم أمه عقب الولادة، ثم أرضعته ثويبة أَمَة عمه أبي لهب أياماً، ثم جاء إلى مكة نسوة من البادية يطلبن أطفالاً يرضعنهم ابتغاء المعروف من آباء الرضعاء على حسب عادة أشراف العرب، فإنهم كانوا يدفعون بأولادهم إلى نساء البادية يرضعنهم هناك حتى يتربوا على النجابة والشهامة وقوة العزيمة، فاختيرت لإرضاعه صلى الله عليه وسلم من بين هؤلاء النسوة (حليمة) بنت أبي ذؤيب السعدية؛ من بني سعد بن بكر من قبيلة هوازن التي كانت منازلهم بالبادية بالقرب من مكة المكرمة، فأخذته معها بعد أن استشارت زوجها (أبو كبشة) الذي رجا أن يجعل الله لهم فيه بركة، فحقق الله تعالى رجاءه وبدل عسرهم يسراً، فَدَرَّ ثديها بعد أن كان لبنها لا يكفي ولدها ، ودَرَّت ناقتهم حتى أشبعتهم جميعاً بعد أن كانت لا تغنيهم ، وبعد أن وصلوا إلى أرضهم كانت غنمهم تأتيهم شباعاً غزيرة اللبن مع أن أرضهم كانت مجدبة في تلك السنة، واستمروا في خيروبركة مدة وجوده صلى الله عليه وسلم بينهم.
ولما كمل له سنتان فصلته حليمة من الرضاع، ثم أتت به إلى جده وأمه وكلمتهما في رجوعها به وإبقائه عندها فأذنا لها بذلك.
طفولته وشبابه
• لقد سجلت المراجع التاريخية المروية بأسانيد متصلة إلى جميع المصادر الثابتة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم – تفاصيل نشأة النبي صلى الله عليه وسلم ، وما مر بها من أحداث خلال فترة الطفولة والصبا ، فذكرت تلك المصادر أنه صلى الله عليه وسلم بعد ولداته تولت إرضاعه حليمة السعدية ، حيث كانت عادة العرب أن تدفع بأطفالها إلى نساء البوادي ليقمن بإرضاع الأطفال في البادية حتى ينشأوا على الفصاحة ، والفطرة السليمة ، والقوة البدنية .
وقد روت المصادر الإرهاصات التي حدثت لحليمة وزوجها منذ أن حل بهم الطفل الجديد – محمد صلى الله عليه وسلم – إذ تحول حالهما من العسر إلى اليسر ، فقد أصبحت شاتهم العجفاء دارة للبن ، وحتى حليمة ذاتها أصبح ثديها مدرارا للبن لأنها رضيع النبي صلى الله عليه وسلم ، وغير ذلك مما روته حليمة فيما ذكرته المصادر .
وقد بقى الصبي مع حليمة حتى بلغ الخامسة من عمره ، وما أعادته إلا أنها خافت عليه من واقعة حدثت له،وهي حادثه شق الصدر . ذلك أن ملكين جاءاه صلى الله عليه وسلم وهو بين صبية يلعبون فأخذاه وشقا صدره وأخرجا قلبه وغسلاه في طست ثم أعاداه موضعه فالتئم الجرح كأن شيئاً لم يكن ، فلما حكى الصبية وفيهم صلى الله عليه وسلم هذه الحادثة لحليمة وزوجها خافا عليه خوفاً شديداً فقررا إعادته إلى ذويه بمكة ، ولكن ما بلغ الصبي السادسة من عمره حتى توفيت أمه آمنة ، فتولى تربيته جده عبد المطلب فلما بلغ الصبي ثماني سنين وشهرين وعشرة أيام توفى جده عبد المطلب فانتقلت رعايته إلى عمه أبي طالب ، فبقى بكنفه حتى بلغ أربعين سنة . وكان صلى الله عليه وسلم في أول شبابه عمل في رعي أغنام قريش على دراهم يعطونها إياه على ما هي عليه سنة الأنبياء من قبله .
حادثة شق الصدر
بعد عودة حليمة السعدية به صلى الله عليه وسلم من مكة إلى ديار بني سعد بأشهر، بعث الله تعالى مَلَكين لشق صدره الشريف وتطهيره، فوجداه صلى الله عليه وسلم مع أخيه من الرضاع خلف البيوت، فأضجعاه وشقا صدره الشريف وطهراه من حظ الشيطان، وكان ذلك الشق بدون مدية ولا آلة بل كان بحالة من خوارق العادة ، ثم أطبقاه، فذهب ذلك الأخ إلى أمه حليمة وأبلغها الخبر، فخرجت إليه هي وزوجها فوجداه صلى الله عليه وسلم منتقع اللون من آثار الروع ، فالتزمته حليمة والتزمه زوجها حتى ذهب عنه الروع ، فقص عليهما القصة كما أخبرهما أخوه. وقد أحدثت هذه الحادثة عند حليمة وزوجها خوفاً عليه، ومما زادها خوفاً أن جماعة من نصارى الحبش كانوا رأوه معها فطلبوه منها ليذهبوا به إلى ملكهم، فخشيت عليه من بقائه عندها، فعادت به صلى الله عليه وسلم إلى أمه وأخبرتها الخبر، وتركته عندها مع ما كانت عليه من الحرص على بقائه معها
التربية الإلهية للرسول – صلى الله عليه وسلم
قد علمت أن الله تعالى قد أكرم آل حليمة السعدية التي أرضعته صلى الله عليه وسلم، فبدل عسرهم يسراً وأشبع غنيماتهم وأدر ضروعها في سنة الجدب والشدة، كما بارك سبحانه وتعالى في رزق عمه أبي طالب حينما كان في كفالته، مع ضيق ذات يده، وأنه سبحانه وتعالى كان يسخر له الغمامة تظله وحده من حر الشمس في سفره إلى الشام، فتسير معه أنى سار دون غيره من أفراد القافلة. وكان سبحانه وتعالى يلهمه الحق ويرشده إلى المكارم والفضائل في أموره كلها، حتى إنه كان إذا خرج لقضاء الحاجة في صغره بَعُدَ عن الناس حتى لا يُرى.
وكان سبحانه وتعالى يكرمه بتسليم الأحجار والأشجار عليه، ويُسمعه ذلك فيلتفت عن يمينه وشماله فلا يرى أحداً.
وقد كان علماء اليهود والنصارى - رهبانهم وكهنتهم- يعرفون زمن مجيئه صلى الله عليه وسلم مما جاء من أوصافه في التوراة وما أخبر به المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام فكانوا يسألون عن مولده وظهوره وقد عرفه كثيرون منهم لما رأوا ذاته الشريفة أو سمعوا بأوصافه وأحواله صلى الله عليه وسلم.
وقد نشأ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ممتازاً بكمال الأخلاق، متباعداً في صغره عن السفاسف التي يشتغل بها أمثاله في السن عادة، حتى بلغ مبلغ الرجال فكان أرجح الناس عقلاً، وأصحهم رأياً، وأعظمهم مروءة، وأصدقهم حديثاً، وأكبرهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، وقد لقبه قومه (بالأمين)، وكانوا يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم.
وقد حفظه الله تعالى منذ نشأته من قبيح أحوال الجاهلية، وبَغَّض إليه أوثانهم حتى إنه من صغره كان لا يحلف بها ولا يحترمها ولا يحضر لها عيداً أو احتفالاً، وكان لا يأكل ما ذبح على النُّصُب، و النصب هي حجارة كانوا ينصبونها ويصبون عليها دم الذبائح ويعبدونها.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم لين الجانب يحن إلى المسكين، ولا يحقر فقيراً لفقره، ولايهاب ملكا لملكه، ولم يكن يشرب الخمر مع شيوع ذلك في قومه، ولا يزنى ولا يسرق ولا يقتل، بل كان ملتزما لمكارم الأخلاق التي أساسها الصدق والأمانة والوفاء.
وبالجملة حفظه الله تعالى من النقائص والأدناس قبل النبوة كما عصمه منها بعد النبوة.
وكان يلبس العمامة والقميص والسراويل، ويتزر ويرتدى بأكيسة من القطن، وربما لبس الصوف والكتان، ولبس الخف والنعال وربما مشى بدونها. وركب الخيل والبغال والإبل والحمير. وكان ينام على الفراش تارة وعلى الحصير تارة وعلى السرير تارة وعلى الأرض تارة، ويجلس على الأرض، ويخصف نعله، (أي يخرزها ويصلحها) ويرقع ثوبه، وقد اتخذ من الغنم والرقيق من الإماء والعبيد بقدر الحاجة. وكان من هديه في الطعام ألا يرد موجوداً ولا يتكلف مفقوداً.
اتصف صلى الله عليه وسلم بصفات لم تجتمع لأحد قبله ولا بعده ، كيف لا وهو خير الناس وأكرمهم عند الله تعالى . فقد كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس ، وأعذبهم كلاماً وأسرعهم أداءً، وأحلاهم منطقا حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب ويأسر الأرواح ، يشهد له بذلك كل من سمعه.
وكان إذا تكلم تكلم بكلام فَصْلٍ مبين، يعده العاد ليس بسريع لا يُحفظ ، ولا بكلام منقطع لا يُدركُه السامع، بل هديه فيه أكمل الهديِّ ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولهاما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا ، ولكن كان يتكلم بكلام بيِّن فصل يتحفظه من جلس إليه) متفق عليه .
وثبت في (( الصحيحين )) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بعثت بجوامع الكلام) وكان كثيراً ما يعيد الكلام ثلاثاً ليفهمه السامع ويعقله عنه ، ففي البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ، حتى يفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم ، سلم ثلاثاً).
وكان صلى الله عليه وسلم طويل الصمت لا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، وكان إذا تكلم افتتح كلامه واختتمه بذكر الله، وأتى بكلام فَصْلٍ ليس بالهزل ، لازيادة فيه عن بيان المراد ولاتقصير ، ولا فحش فيه ولا تقريع ، أما ضحكه صلى الله عليه وسلم فكان تبسماً، وغاية ما يكون من ضحكه أن تبدو نواجذه، فكان يَضْحَك مما يُضْحك منه، ويتعجب مما يُتعجب منه.
وكان بكاؤه صلى الله عليه وسلم من جنس ضحكه ، فلم يكن بكاؤه بشهيق ولا برفع صوت، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، بل كانت عيناه تدمعان حتى تهملا، ويُسمع لصدره أزيز، وكان صلى الله عليه وسلم تارة يبكى رحمة للميت كما دمعت عيناه لموت ولده، وتارة يبكي خوفاً على أمته وشفقة عليها ، وتارة تفيض عيناه من خشية الله ، فقد بكى لما قرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه (سورة النساء ) وانتهى إلى قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41].
وتارة كان يبكي اشتياقاً ومحبة وإجلالاً لعظمة خالقه سبحانه وتعالى.
وما ذكرناه وأتينا عليه من صفاته صلى الله عليه وسلم غيض من فيض لا يحصره مقال ولا كتاب، وفيما ألمحنا إليه عبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً والحمد لله أولاً وأخيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
القلق
مشرف ملتقى الشهيد ياسر عرفات
مشرف ملتقى الشهيد ياسر عرفات
القلق


عدد الرسائل : 535
العمر : 30
العمر : : 15
احترام قوانين المنتدى : : حياة الرسول (ص)1 111010
الدولة : : حياة الرسول (ص)1 Flag211
تاريخ التسجيل : 13/02/2008

حياة الرسول (ص)1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: حياة الرسول (ص)1   حياة الرسول (ص)1 Empty2008-02-14, 14:50

الهجرة الأولى إلى الحبشة
لما جاءت رسالة الإسلام وقف المشركون في وجهها وحاربوها، وكانت المواجهة في بداية أمرها محدودة، إلا أنها سرعان ما بدأت تشتد وتتفاقم يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر، حتى ضيَّقت قريش الخناق على المسلمين واضطهدتهم وأرهقتهم، فضاقت عليهم مكة بما رحبت، وصارت الحياة في ظل هذه المواجهة جحيماً لا يطاق. فأخذ المسلمون يبحثون عن مكان آمن يلجئون إليه، ويتخلصون به من عذاب المشركين واضطهادهم.
في ظل تلك الظروف التي يعانى منها المسلمون، نزلت سورة الكهف، تلك السورة التي أخبرت بقصة الفتية الذين فروا بدينهم من ظلم ملِكِهِم، وأووا إلى كهف يحتمون به مما يراد بهم. كان فى هذه القصة تسلية للمؤمنين، وإرشاداً لهم إلى الطريق الذي ينبغي عليهم أن يسلكوه للخروج مما هم فيه. لقد عرضت قصة أصحاب الكهف نموذجاً للإيمان فى النفوس المخلصة، كيف تطمئن به، وتؤثره على زينة الحياة الدنيا ومتاعها، وتلجأ إلى الكهف حين يعز عليها أن تقيم شعائر دينها وعقيدتها، وكيف أن الله تعالى يرعى هذه النفوس المؤمنة ويقيها الفتنة، ويشملها برحمته ورعايته {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} (الكهف:16).
لقد وضَّحت هذه القصة للمؤمنين طريق الحق والباطل، وبيَّنت أنه لا سبيل إلى للالتقاء بينهما بحال من الأحوال، وإنما هي المفاصلة والفرار بالدين والعقيدة، وانطلاقاً من هذه الرؤية القرآنية أمر النبي صلى الله عليه و سلم المسلمين المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة، وقد وصفت أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم هذا الحدث فقالت: (لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء، والفتنة فى دينهم، وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم في منعة من قومه وعمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه، فخرجنا إليها أرسالاً - أي جماعات - حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، أمِنَّا على ديننا ولم نخش منه ظلماً) رواه البيهقى بسند حسن.
وهكذا هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة فى السنة الخامسة للبعثة، وكان هذا الفوج مكوناً من اثني عشر رجلاً وأربع نسوة، كان في مقدمتهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وكان رحيلهم تسللاً تحت جنح الظلام حتى لا تشعر بهم قريش، فخرجوا إلى البحر عن طريق جدة، فوجدوا سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، ولما علمت قريش بخبرهم خرجت فى إثرهم وما وصلت إلى الشاطئ إلا وكانوا قد غادروه فى طريقهم إلى الحبشة، حيث وجدوا الأمن والأمان، ولقوا الحفاوة والإكرام من ملكها النجاشى الذي كان لا يظلم عنده أحد، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه و سلم .
وهكذا هيأ الله لعباده المؤمنين المستضعفين المأوى والحماية من أذى قريش وأمَّنهم على دينهم وأنفسهم، وكان في هذه الهجرة خير للمسلمين، إذ استطاعوا - فضلاً عن حفظ دينهم وأنفسهم - أن ينشروا دعوتهم، ويكسبوا أرضاً جديدة تكون منطلقاً لتلك الدعوة، ومن كان مع الله كان الله معه نسأل الله تعالى أن ينصر دينه وعباده المؤمنين في كل مكان والحمد لله رب العالمين.
الهجرة الثانية للحبشة
ذكرنا في مقال سابق أن هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة كانت خيراً للمسلمين وفتحاً جديداً للإسلام، استطاع المسلمون فيها أن يكسبوا أرضاً جديدة تكون منطلقاً لدعوتهم، واستطاعوا أن يقيموا شعائر دينهم بأمان.
غير أن هذه الهجرة لم تدم طويلاً، حيث رجع المسلمون من أرض هجرتهم إلى مكة بعد أن بلغهم أن قريشاً هادنت الإسلام وتركت أهله أحراراً، إلا أنهم بعد وصولهم إلى مكة وجدوا الأمر على خلاف ما ظنوه، فاضطروا إلى الهجرة مرة ثانية. فما خبر هذه الهجرة ؟ هذا ما سوف نعرفه في الأسطر التالية.
إن الإشاعة التي بلغت المؤمنين فى أرض الهجرة تركت أثرها في قلوبهم، فقرروا العودة إلى وطنهم، وكان سبب هذه الإشاعة أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج إلى الحرم وفيه جمع كبير من قريش، فقام فيهم وأخذ يتلو سورة النجم، ولم يكن المشركون قد سمعوا القرآن سماع منصت من قبل، لأن أسلوبهم المتواصل كان هو العمل بما تواصى به بعضهم بعضاً {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (فصلت:26).
فلما فاجأهم النبي صلى الله عليه و سلم بتلاوة هذه السورة، وقرع آذنهم القرآن في روعة بيانه، وجلالة معانيه، أعطوه سمعهم، فلما قرأ النبي صلى الله عليه و سلم قوله تعالى {فاسجدوا لله واعبدوا} سجد، فلم يتمالك المشركون أنفسهم فسجدوا. وفى الحقيقة كانت روعة الحق قد صدَّعت العناد والكِبْر الذي فى نفوسهم، فخروا ساجدين، فبلغ هذا الخبر مهاجري الحبشة، ولكن فى صورة تختلف تماماً عن صورته الحقيقية، حيث بلغهم أن قريشاً أسلمت، فرجعوا إلى مكة آملين أن يعيشوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وبين قومهم وأهليهم آمنين، فلما وصلوا قريباً من مكة عرفوا حقيقة الأمر، وأن ما وصلهم من الأخبار غير صحيح، بل إن قريشاً أشد وأنكي على المسلمين من ذي قبل، فرجع من رجع منهم، ومن دخل مكة دخلها مستخفياً، أو فى جوار رجل من المشركين، ثم زاد المشركون فى تعذيب هؤلاء العائدين وسائر المسلمين، ولم ير رسول الله صلى الله عليه و سلم بداً من أن يشير على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى، فهي المنفذ الوحيد والمخرج بعد الله تعالى – من بلاء قريش - لما يتميز به ملِكُها النجاشى من عدل ورحمة وحسن ضيافة، وقد وجده المسلمون كما قال النبي صلى الله عليه و سلم (لا يظلم عنده أحد).
فقرر المسلمون الهجرة مرة ثانية، ولكن الهجرة في هذه المرة كانت أشق وأصعب من سابقتها، حيث تيقظت قريش لها، وقررت إحباطها، لكن المسلمين كانوا قد أحسنوا التخطيط والتدبير لها ويسَّر الله لهم السفر، فانحازوا إلى نجاشي الحبشة قبل أن تدركهم قريش، وفي هذه المرة هاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلاً، وثماني عشرة امرأة. وكما كان فى الهجرة الأولى خير للإسلام والمسلمين ففي هذه الهجرة كان الخير أكثر وأكثر، فازداد عددهم وانتشر خبرهم، وكانت أرض الحبشة التي أمِنوا فيها على أنفسهم ودينهم منطلقاً للدعوة الإسلامية وملاذاً لكل مضطهد وطريد من المسلمين، والله يؤيد دينه وعباده المؤمنين بما شاء من جنوده التي لا يعلمها إلا هو، فله الحمد فى الأولى والآخرة وصلى الله وسلم على سيدنا محمد و آله
الهجرة إلى الطائف
كما نعلم إن أحزان النبي صلى الله عليه و سلم وهمومه زادت وتضاعفت بوفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وعمه أبى طالب في عام واحد، فـخديجة كانت خير ناصر ومعين له - بعد الله تعالى -، وعمه كان يحوطه ويحميه، ويحبه أشد الحب، وضاعف من حزنه صلى الله عليه و سلم أنه مات كافراً.
وتستغل قريش غياب أبي طالب فتزيد من إيذائها للنبي صلى الله عليه و سلم وتضيَّق عليه، وكان أبو لهب من أكثر الناس كراهية للدعوة وصاحبها صلى الله عليه و سلم ، حتى إنه كان يلاحق النبي صلى الله عليه و سلم في موسم الحج، وفى الأسواق يرميه بالحجارة ويقول: إنه صابئ كذاب، ويحذر الناس من إتباعه، فضاقت مكة على رسول الله صلى الله عليه و سلم واشتد به الحال، فخرج إلى الطائف راجياً ومؤملاً أن تكون أحسن حالاً من مكة، وأن يجد من أهلها نصرة، فماذا لقي ؟
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه و سلم هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال: (لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي عن ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليّ، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا) متفق عليه.
والقصة تقول إنه حينما ذهب الرسول صلى الله عليه و سلم إلى الطائف بدأ بسادات القوم الذين ينتهي إليهم الأمر، فكلمهم في الإسلام ودعاهم إلى الله، فردوا عليه رداً قاسياً، وقالوا له: اخرج من بلادنا، ولم يكتفوا بهذا الأمر، بل وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم فتبعوه يسبونه ويصيحون به، ويرمونه بالحجارة فأصيب عليه الصلاة السلام فى قدميه حتى سالت منها الدماء، واضطروه إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة من سادات أهل الطائف، فجلس في ظل شجرة يلتمس الراحة والأمن، وصرف أصحاب البستان الأوباش والسفهاء عنه، ثم أمرا غلاماً لهما نصرانياً يدعى عداساً وقالا له: خذ قطفاً من العنب واذهب به إلى هذا الرجل، فلما وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم مد يده إليه وقال بسم الله ثم أكل، فقال عداس إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة، فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : من أي البلاد أنت ؟ قال أنا نصراني من نينوى، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ قال عداس: وما يدريك ما يونس ؟ قال عليه الصلاة والسلام ذلك أخي كان نبياً وأنا نبي، فأكب عداس على يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم وقدميه يقبلهما، فقال ابنا ربيعة، أحدهما للآخر: أما غلامك فقد أفسده عليك! فلما جاء عداس قالا له ويحك ما هذا: قال لهما ما فى الأرض خير من هذا الرجل، فحاولا تهوين أمر النبي عليه الصلاة والسلام، كأنما عز عليهما أن يخرج النبي صلى الله عليه و سلم من الطائف بأي كسب.
ورجع النبي صلى الله عليه و سلم إلى مكة ليستأنف خطته الأولى فى عرض الإسلام وإبلاغ الرسالة للوفود والقبائل والأفراد، وزادت قريش من أذاها لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، وخلعت جلباب الحياء والمروءة، فراح بعض رجالاتها يلاحقونه عليه الصلاة والسلام في الأسواق والمواسم يرمونه بالكذب، ويحذرون العرب من إتباعه.
وفى الختام فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يستسلم لهذا الواقع الأليم، بل صبر وصابر، وواصل جهاده في الدعوة متوكلاً على الله، فكان عاقبة صبره نصر من الله، وفتح عظيم تتفيأ الأمة ظلاله، وتنعم بنور الرسالة الخاتمة، فجزاه الله خير ما جزى به نبياً عن أمته والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
القلق
مشرف ملتقى الشهيد ياسر عرفات
مشرف ملتقى الشهيد ياسر عرفات
القلق


عدد الرسائل : 535
العمر : 30
العمر : : 15
احترام قوانين المنتدى : : حياة الرسول (ص)1 111010
الدولة : : حياة الرسول (ص)1 Flag211
تاريخ التسجيل : 13/02/2008

حياة الرسول (ص)1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: حياة الرسول (ص)1   حياة الرسول (ص)1 Empty2008-02-14, 14:53

الهجرة الأولى إلى الحبشة
لما جاءت رسالة الإسلام وقف المشركون في وجهها وحاربوها، وكانت المواجهة في بداية أمرها محدودة، إلا أنها سرعان ما بدأت تشتد وتتفاقم يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر، حتى ضيَّقت قريش الخناق على المسلمين واضطهدتهم وأرهقتهم، فضاقت عليهم مكة بما رحبت، وصارت الحياة في ظل هذه المواجهة جحيماً لا يطاق. فأخذ المسلمون يبحثون عن مكان آمن يلجئون إليه، ويتخلصون به من عذاب المشركين واضطهادهم.
في ظل تلك الظروف التي يعانى منها المسلمون، نزلت سورة الكهف، تلك السورة التي أخبرت بقصة الفتية الذين فروا بدينهم من ظلم ملِكِهِم، وأووا إلى كهف يحتمون به مما يراد بهم. كان فى هذه القصة تسلية للمؤمنين، وإرشاداً لهم إلى الطريق الذي ينبغي عليهم أن يسلكوه للخروج مما هم فيه. لقد عرضت قصة أصحاب الكهف نموذجاً للإيمان فى النفوس المخلصة، كيف تطمئن به، وتؤثره على زينة الحياة الدنيا ومتاعها، وتلجأ إلى الكهف حين يعز عليها أن تقيم شعائر دينها وعقيدتها، وكيف أن الله تعالى يرعى هذه النفوس المؤمنة ويقيها الفتنة، ويشملها برحمته ورعايته {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} (الكهف:16).
لقد وضَّحت هذه القصة للمؤمنين طريق الحق والباطل، وبيَّنت أنه لا سبيل إلى للالتقاء بينهما بحال من الأحوال، وإنما هي المفاصلة والفرار بالدين والعقيدة، وانطلاقاً من هذه الرؤية القرآنية أمر النبي صلى الله عليه و سلم المسلمين المستضعفين بالهجرة إلى الحبشة، وقد وصفت أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم هذا الحدث فقالت: (لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وفتنوا، ورأوا ما يصيبهم من البلاء، والفتنة فى دينهم، وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم في منعة من قومه وعمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم عنده أحد، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه، فخرجنا إليها أرسالاً - أي جماعات - حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار، أمِنَّا على ديننا ولم نخش منه ظلماً) رواه البيهقى بسند حسن.
وهكذا هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة فى السنة الخامسة للبعثة، وكان هذا الفوج مكوناً من اثني عشر رجلاً وأربع نسوة، كان في مقدمتهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، وكان رحيلهم تسللاً تحت جنح الظلام حتى لا تشعر بهم قريش، فخرجوا إلى البحر عن طريق جدة، فوجدوا سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة، ولما علمت قريش بخبرهم خرجت فى إثرهم وما وصلت إلى الشاطئ إلا وكانوا قد غادروه فى طريقهم إلى الحبشة، حيث وجدوا الأمن والأمان، ولقوا الحفاوة والإكرام من ملكها النجاشى الذي كان لا يظلم عنده أحد، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه و سلم .
وهكذا هيأ الله لعباده المؤمنين المستضعفين المأوى والحماية من أذى قريش وأمَّنهم على دينهم وأنفسهم، وكان في هذه الهجرة خير للمسلمين، إذ استطاعوا - فضلاً عن حفظ دينهم وأنفسهم - أن ينشروا دعوتهم، ويكسبوا أرضاً جديدة تكون منطلقاً لتلك الدعوة، ومن كان مع الله كان الله معه نسأل الله تعالى أن ينصر دينه وعباده المؤمنين في كل مكان والحمد لله رب العالمين.
الهجرة الثانية للحبشة
ذكرنا في مقال سابق أن هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة كانت خيراً للمسلمين وفتحاً جديداً للإسلام، استطاع المسلمون فيها أن يكسبوا أرضاً جديدة تكون منطلقاً لدعوتهم، واستطاعوا أن يقيموا شعائر دينهم بأمان.
غير أن هذه الهجرة لم تدم طويلاً، حيث رجع المسلمون من أرض هجرتهم إلى مكة بعد أن بلغهم أن قريشاً هادنت الإسلام وتركت أهله أحراراً، إلا أنهم بعد وصولهم إلى مكة وجدوا الأمر على خلاف ما ظنوه، فاضطروا إلى الهجرة مرة ثانية. فما خبر هذه الهجرة ؟ هذا ما سوف نعرفه في الأسطر التالية.
إن الإشاعة التي بلغت المؤمنين فى أرض الهجرة تركت أثرها في قلوبهم، فقرروا العودة إلى وطنهم، وكان سبب هذه الإشاعة أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج إلى الحرم وفيه جمع كبير من قريش، فقام فيهم وأخذ يتلو سورة النجم، ولم يكن المشركون قد سمعوا القرآن سماع منصت من قبل، لأن أسلوبهم المتواصل كان هو العمل بما تواصى به بعضهم بعضاً {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (فصلت:26).
فلما فاجأهم النبي صلى الله عليه و سلم بتلاوة هذه السورة، وقرع آذنهم القرآن في روعة بيانه، وجلالة معانيه، أعطوه سمعهم، فلما قرأ النبي صلى الله عليه و سلم قوله تعالى {فاسجدوا لله واعبدوا} سجد، فلم يتمالك المشركون أنفسهم فسجدوا. وفى الحقيقة كانت روعة الحق قد صدَّعت العناد والكِبْر الذي فى نفوسهم، فخروا ساجدين، فبلغ هذا الخبر مهاجري الحبشة، ولكن فى صورة تختلف تماماً عن صورته الحقيقية، حيث بلغهم أن قريشاً أسلمت، فرجعوا إلى مكة آملين أن يعيشوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وبين قومهم وأهليهم آمنين، فلما وصلوا قريباً من مكة عرفوا حقيقة الأمر، وأن ما وصلهم من الأخبار غير صحيح، بل إن قريشاً أشد وأنكي على المسلمين من ذي قبل، فرجع من رجع منهم، ومن دخل مكة دخلها مستخفياً، أو فى جوار رجل من المشركين، ثم زاد المشركون فى تعذيب هؤلاء العائدين وسائر المسلمين، ولم ير رسول الله صلى الله عليه و سلم بداً من أن يشير على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى، فهي المنفذ الوحيد والمخرج بعد الله تعالى – من بلاء قريش - لما يتميز به ملِكُها النجاشى من عدل ورحمة وحسن ضيافة، وقد وجده المسلمون كما قال النبي صلى الله عليه و سلم (لا يظلم عنده أحد).
فقرر المسلمون الهجرة مرة ثانية، ولكن الهجرة في هذه المرة كانت أشق وأصعب من سابقتها، حيث تيقظت قريش لها، وقررت إحباطها، لكن المسلمين كانوا قد أحسنوا التخطيط والتدبير لها ويسَّر الله لهم السفر، فانحازوا إلى نجاشي الحبشة قبل أن تدركهم قريش، وفي هذه المرة هاجر من الرجال ثلاثة وثمانون رجلاً، وثماني عشرة امرأة. وكما كان فى الهجرة الأولى خير للإسلام والمسلمين ففي هذه الهجرة كان الخير أكثر وأكثر، فازداد عددهم وانتشر خبرهم، وكانت أرض الحبشة التي أمِنوا فيها على أنفسهم ودينهم منطلقاً للدعوة الإسلامية وملاذاً لكل مضطهد وطريد من المسلمين، والله يؤيد دينه وعباده المؤمنين بما شاء من جنوده التي لا يعلمها إلا هو، فله الحمد فى الأولى والآخرة وصلى الله وسلم على سيدنا محمد و آله
الهجرة إلى الطائف
كما نعلم إن أحزان النبي صلى الله عليه و سلم وهمومه زادت وتضاعفت بوفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وعمه أبى طالب في عام واحد، فـخديجة كانت خير ناصر ومعين له - بعد الله تعالى -، وعمه كان يحوطه ويحميه، ويحبه أشد الحب، وضاعف من حزنه صلى الله عليه و سلم أنه مات كافراً.
وتستغل قريش غياب أبي طالب فتزيد من إيذائها للنبي صلى الله عليه و سلم وتضيَّق عليه، وكان أبو لهب من أكثر الناس كراهية للدعوة وصاحبها صلى الله عليه و سلم ، حتى إنه كان يلاحق النبي صلى الله عليه و سلم في موسم الحج، وفى الأسواق يرميه بالحجارة ويقول: إنه صابئ كذاب، ويحذر الناس من إتباعه، فضاقت مكة على رسول الله صلى الله عليه و سلم واشتد به الحال، فخرج إلى الطائف راجياً ومؤملاً أن تكون أحسن حالاً من مكة، وأن يجد من أهلها نصرة، فماذا لقي ؟
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه و سلم هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال: (لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي عن ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليّ، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا) متفق عليه.
والقصة تقول إنه حينما ذهب الرسول صلى الله عليه و سلم إلى الطائف بدأ بسادات القوم الذين ينتهي إليهم الأمر، فكلمهم في الإسلام ودعاهم إلى الله، فردوا عليه رداً قاسياً، وقالوا له: اخرج من بلادنا، ولم يكتفوا بهذا الأمر، بل وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم فتبعوه يسبونه ويصيحون به، ويرمونه بالحجارة فأصيب عليه الصلاة السلام فى قدميه حتى سالت منها الدماء، واضطروه إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة من سادات أهل الطائف، فجلس في ظل شجرة يلتمس الراحة والأمن، وصرف أصحاب البستان الأوباش والسفهاء عنه، ثم أمرا غلاماً لهما نصرانياً يدعى عداساً وقالا له: خذ قطفاً من العنب واذهب به إلى هذا الرجل، فلما وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم مد يده إليه وقال بسم الله ثم أكل، فقال عداس إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة، فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : من أي البلاد أنت ؟ قال أنا نصراني من نينوى، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ قال عداس: وما يدريك ما يونس ؟ قال عليه الصلاة والسلام ذلك أخي كان نبياً وأنا نبي، فأكب عداس على يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم وقدميه يقبلهما، فقال ابنا ربيعة، أحدهما للآخر: أما غلامك فقد أفسده عليك! فلما جاء عداس قالا له ويحك ما هذا: قال لهما ما فى الأرض خير من هذا الرجل، فحاولا تهوين أمر النبي عليه الصلاة والسلام، كأنما عز عليهما أن يخرج النبي صلى الله عليه و سلم من الطائف بأي كسب.
ورجع النبي صلى الله عليه و سلم إلى مكة ليستأنف خطته الأولى فى عرض الإسلام وإبلاغ الرسالة للوفود والقبائل والأفراد، وزادت قريش من أذاها لرسول الله صلى الله عليه و سلم ، وخلعت جلباب الحياء والمروءة، فراح بعض رجالاتها يلاحقونه عليه الصلاة والسلام في الأسواق والمواسم يرمونه بالكذب، ويحذرون العرب من إتباعه.
وفى الختام فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يستسلم لهذا الواقع الأليم، بل صبر وصابر، وواصل جهاده في الدعوة متوكلاً على الله، فكان عاقبة صبره نصر من الله، وفتح عظيم تتفيأ الأمة ظلاله، وتنعم بنور الرسالة الخاتمة، فجزاه الله خير ما جزى به نبياً عن أمته والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
القلق
مشرف ملتقى الشهيد ياسر عرفات
مشرف ملتقى الشهيد ياسر عرفات
القلق


عدد الرسائل : 535
العمر : 30
العمر : : 15
احترام قوانين المنتدى : : حياة الرسول (ص)1 111010
الدولة : : حياة الرسول (ص)1 Flag211
تاريخ التسجيل : 13/02/2008

حياة الرسول (ص)1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: حياة الرسول (ص)1   حياة الرسول (ص)1 Empty2008-02-14, 14:56

.
تكوين الدولة الإسلامية
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
إن رباط الأخوة في الإسلام رباط عظيم ولذلك حرص النبي صلى الله عليه و سلم عليه وأكده، وكان من أوائل الأمور التي قام بها بعد وصوله المدينة أن آخى بين المهاجرين والأنصار. ويبدو أن النبي صلى الله عليه و سلم استمر يؤاخى بين أصحابه مؤاخاة ومواساة وتعاون وتناصح دون أن يترتب على ذلك حق التوارث بين المتآخين، وهكذا وردت أخبار تفيد أنه آخى بين أبى الدرداء وسلمان الفارسي مع أن سلمان أسلم بين أحد والخندق مما جعل الواقدي البلاذرى ينكران ذلك. وكذلك أنكر ابن كثير مؤاخاة جعفر بن أبى طالب لمعاذ بن جبل لأن جعفر قدم فى فتح خيبر أول سنة 7هـ. ومثل ذلك مؤاخاة الحتات مع معاوية بن أبي سفيان؛ لأن معاوية أسلم بعد فتح مكة سنة 8هـ. كذلك فإن الحتات قدم المدينة فى وفد تميم في العام التاسع للهجرة، وإذا اعتبرنا المؤاخاة مستمرة إلا ما يتعلق بحق التوارث الذي أبطل بعد بدر فلا موجب لهذا الاعتراض والإنكار الذي أبداه المؤرخون تجاه هذه الروايات.
وكذلك إذا قبلنا وقوع مؤاخاة دون إرث قبل وبعد تشريع المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار فإن ذلك سوف يفسر الالتباس الذي وقع فيه ابن إسحق عندما أورد في قائمة المتآخين خبر مؤاخاة النبي صلى الله عليه و سلم لعلى ومؤاخاة حمزة لزيد بن حارثة وكلهم مهاجرون فى حين أن سائر الأسماء الأخرى التي وردت فى قائمته توضح أن المؤاخاة كانت بين مهاجرين وأنصار.
وقد عقب ابن كثير على مؤاخاة النبي صلى الله عليه و سلم لعلي ومؤاخاة حمزة لزيد بأنه لا معنى لهذه المؤاخاة إلا أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم لم يجعل مصلحة على إلى غيره فإنه كان ممن ينفق عليه الرسول صلى الله عليه و سلم من صغره. وألا أن يكون حمزة قد التزم بمصالح مولاهم زيد بن حارثة فآخاه بهذا الاعتبار.
ولكن هذا التعليل الذي قدمه ابن كثير غير مقبول لأن المصادر ذكرت مؤاخاة حمزة ابن عبد المطلب لكلثوم بن الهدم وغيره، كما ذكرت مؤاخاة زيد بن حارثة لأسيد بن حضير. كما أن المؤاخاة بين الرسول صلى الله عليه و سلم وعلي تقتضى التوارث، والنبي لا يورث كما جاء فى الحديث، كما أن البلاذرى ذكر مؤاخاة على لسهل بن حنيف. وكذلك فإن البلاذرى ذكر وقوع مؤاخاة بين النبي صلى الله عليه و سلم وعلى وحمزة وزيد بمكة.
ونخلص من ذلك إلى أن هذه المؤاخاة بين النبي صلى الله عليه و سلم وعلى وبين حمزة وزيد إذا كانت قد وقعت، فإنها مؤاخاة تقتضى المؤازرة والرفقة دون حقوق التوارث وأنها جرت فى غير الوقت الذي أعلن فيه نظام المؤاخاة في دار أنس بن مالك.
وأخيراً فإن المؤاخاة التي شرعت بين المؤمنين باقية لم تنسخ سوى ما يترتب عليها من توارث فإنه منسوخ، وبوسع المؤمنين فى كل عصر أن يتأخوا بينهم على المواساة والاتفاق والنصيحة ويترتب على مؤاخاتهم حقوق أخص من المؤاخاة العامة بين المؤمنين. والله نسأل أن يؤلف بين المؤمنين ويجعلهم أخوة متحابين متناصرين. والحمد لله رب العالمين.
المجتمع الإسلامي في المدينة
لقد تغلب المهاجرون على المشكلات العديدة، واستقروا في الأرض الجديدة، مغلبين مصالح العقيدة ومتطلبات الدعوة، بل صارت الهجرة واجبة على كل مسلم لنصرة النبي صلى الله عليه و سلم ، ومواساته بالنفس، حتى كان فتح مكة فأوقفت الهجرة؛ لأن سبب الهجرة ومشروعيتها نصرة الدين وخوف الفتنة من الكافرين. وأبرز نتائج الهجرة تتمثل في قيام الدولة الإسلامية الأولى، وهى أول دولة أقامها نبي فى الأرض، وذلك لأن دين الإسلام يجمع ما بين العبادة والتشريع والحكم.
وقد هيأت الهجرة الأمة والأرض لإقامة دولة نموذجية تهدف إلى إيجاد ظروف ملائمة لتحقيق العبودية الخالصة لله وحده، ولبناء مجتمع تسوده الأخوة الدينية وينأى عن العصبية الجاهلية، وكانت طاعة الله ورسوله هي الوسيلة لبناء المجتمع والدولة على أسس جديدة. وفيما يلي توضيح لنتائج الهجرة وقيام الدولة الإسلامية.
من أسس الدولة
أ- تحقيق العبودية الخالصة لله وحده.
أحدث الإسلام نقلة عميقة وشاملة في عالم العقيدة، فلم يعد ثمة مجال لعبادة الأصنام والكواكب والأوهام، ولا لممارسة السحر والكهانة، ولا للتشبث بالتمائم والرقى، بل اتجه سكان الدولة الإسلامية إلى توحيد الله فى التصور والعبادة والسلوك، فالله واحد {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (البقرة:163)، وهو {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} (الأنعام3) ولا يشبه شيئاً من المخلوقات، وقد وصف نفسه بصفات السمع والبصر والعلم والحياة وغيرها من الصفات التي وردت فى القرآن والسنة؛ لكن هذه الصفات لا تماثل صفات المخلوقين {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير} (الشورى).
وأحدث الإسلام انقلاباً جذرياً في حياة الفرد والجماعة، بحيث تغيّر سلوك الأفراد اليومي وعاداتهم المتأصلة تغيراً كلياً، كما تغيرت مقاييسهم وأحكامهم ونظرتهم إلى الكون والحياة. وكذلك تغيرت بنية المجتمع بصورة واضحة، فاختلفت مظاهر وصور، وبرزت معالم وظواهر جديدة. فالنقلة كبيرة بين ما كان عليه الإنسان فى جاهليته، وما صار إليه فى إسلامه. إذ لم يعد العربي متفلتاً من الضوابط فى معاملاته وعلاقاته الاجتماعية، بل صار منضبطاً بضوابط الشريعة الإسلامية فى جزئيات حياته من أخلاق وعادات كالنوم والاستيقاظ، والطعام والشراب، والزواج والطلاق، والبيع والشراء، ولا شك أن العادات تتحكم فى الإنسان، ويصعب عليه التخلص منها واكتساب عادات وصفات جديدة، ولكن ما ولّده الإسلام فى أنفسهم من إيمان عميق مكّنهم من الانخلاع من الشخصية الجاهلية بكل ملامحها واكتساب الشخصية الإسلامية بكل مقوماتها، فاعتادوا على عبادة الله تعالى وحده، بالصلاة والصوم والحج والزكاة والجهاد، وقصده بكل أعمال الخير الأخرى، والتقرب إليه بالذكر والشكر، والصبر على البلوى، والإنابة إليه، والدعاء إليه، والرغبة فى فضله ورحمته، وامتلاء القلب بالتوحيد والإخلاص والرجاء.
واعتادوا أيضاً على استحضار النية لله في نشاطهم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي؛ لان العبادة في الإسلام مفهومها واسع يمتد لكل عمل يقوم به الإنسان إذا قصد به وجه الله وطاعته. وإلى جانب الاعتياد على الطاعات، فإن المسلمين تخلصوا من العادات المتأصلة التي نهى عنها الإسلام كشرب الخمر والأنكحة الجاهلية والربا ومنكرات الأخلاق من الكذب والخيانة والغش والغيبة والحسد والكبر والظلم... وهكذا فإن الدولة الإسلامية التي أقامها رسول الله صلى الله عليه و سلم في المدينة كونت مجتمعاً ربانياً يسعى أفراده فى العمران الأدبي والمادي للأرض ويتطلعون إلى ما عند الله من النعيم المقيم.
ب- الأخوة ووحدة الصف.
إن الأساس الذي بنيت عليه العلاقات في مجتمع الدولة الإسلامية هو الإخوة الإيمانية التي حددتها الآية الكريمة {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات)، فالأخوة الصادقة لا تكون إلا بين المؤمنين، وهم يقفون صفاً واحداً للجهاد فى سبيل الله ولبناء قوة الدولة العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك برص صفوفهم، والتعاون فيما بينهم، وشيوع المحبة والألفة فى مجتمعهم. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصف:4).
ج- الطاعة بالمعروف فى المنشط والمكره.
اتسم جيل الصحابة رضوان الله عليهم بالطاعة الكاملة لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه و سلم ، فقد كانوا يقرؤون القرآن وكأنه ينزل على كل واحد منهم - رجلاً كان أم امرأة - غضاً طرياً، وكانت لغة التخاطب بينهم هي الفصحى التي نزل بها القرآن، وقد أعانهم ذلك على فهم الخطاب الإلهي بسهولة ويسر، كما ولّد الأثر القوى فى نفوسهم، وسرعة الاستجابة التامة لتعاليمه وأحكامه. فكان جيل الصحابة قادراًُ على التخلص من عادات الجاهلية وتقاليدها وأعرافها، حتى لو كانت العادات قد استقرت منذ قرون، وصارت عرفاً مشروعاً وتقليداً مقبولاً. فمن ذلك أنه لما نزل قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ والأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة:90) خرجت الأنصار بدنان الخمر إلى الأزقة وأراقوها وقالوا: انتهينا ربنا انتهينا ربنا. وشرب الخمر الذي أقلعوا عنه كان عادة متأصلة فى حياة الفرد والمجتمع، والخمر الذي أراقوه كان مالاً ضحوا به تسليما لله رب العالمين.
ومن ذلك أن قوماً من المسلمين وفدوا على رسول الله صلى الله عيه وسلم فى أول النهار، فإذا هم عراة حفاة يلبسون أكسية الصوف وعليهم السيوف، فتغيّر وجه الرسول صلى الله عليه و سلم إشفاقا عليهم، وجمع الناس، وحثّهم على الصدقة، وقرأ عليهم الآيات في ذلك ومنها {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَد} (الحشر:18) فتتابع الناس حتى جمعوا كومين من طعام وثياب، فتهلّل وجه الرسول صلى الله عليه و سلم فرحاً بمبادرة الصحابة إلى معونة إخوانهم وطاعة ربهم وكذلك بادرت الصحابيات إلى طاعة أمر الله تعالى، قالت عائشة رضي الله عنها: "يرحم الله النساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}(النور:31) شققن مروطهنّ فاختمرن به" رواه البخاري.
لقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يلتزمون بالبيعة لرسول الله صلى الله عليه و سلم ثم للخلفاء الراشدين من بعده، وكان للبيعة قيمة عالية، فهي التزام حر، وتعاقد بين الطرفين، وقد دللّوا دائما على صدق التزامهم فلبّوا داعي الجهاد، وخاضوا غمار المعارك فى أماكن نائية عن ديارهم، ودفن كثير منهم فى أطراف الأرض، وما عرفوا القعود عن الجهاد، والحفاظ على الكرامة والذود عن العقيدة. فجزاهم الله عن هذه الأمة وهذا الدين خير الجزاء، وسلك بنا سبيلهم، وحشرنا في زمرتهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، والحمد لله أولاً وآخرا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حياة الرسول (ص)1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الأب الشهيد ياسر عرفات :: مــــنتدى الإســـلام والإعــجـــاز-
انتقل الى: