فتـح تاريخ من التحدي و أسطورة من التضحيات

فتـح تاريخ من التحدي و أسطورة من التضحيات!!!

فتح الحركة الأشد تماسكا وقوة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ، فلا ينكر أحد أنها هي أول الرصاص ، وهي أول تمثيل دبلوماسي حظي به الشعب الفلسطيني ،هي أول من أعاد رسم معالم الهوية الفلسطينية بعد سلسة من الهزائم والانكسارات العربية والمحاولات القذرة لطمس الهوية الفلسطينية . فقد سلكت منهجاً ثورياً بناءا يرسي دعائم العمل الثوري على اسس علمية واعية وبروح ايجابية ، وكانت تسير على مبدأ الاستراتيجية الثورية الموحدة ، وهنا فلنقف قليلا لنعيد قراءة هذه الجملة ( الاستراتيجية الثورية الموحدة ) ، ففتح ماكانت لتحقق هذا التوازن الفلسطيني الداخلي قرابة الأربعين عاما بدون هذه الاستراتيجية التي هي الى الآن مطلب فتح الأساسي وقد طورت لفظا الى ( الوحدة الوطنية ) . سارت حركة فتح على كل الدروب الشاقة، وزاوجت بين كل الخيارات الممكنة، واختبرت كل فرصة سانحة وكل طاقة امل يلوح فيها بصيص من ضوء خافت بعيد، وراكمت في وعيها ان التقدم إلى الامام ، تحملت الالآم ، نعم ليس وحدها بل كل فصائل العمل الوطني كان لها نصيبها من العناء ولكن كان لفتح الجزء الأكبر فهي الأم التي يلقى على كاهلها أمانة شعب بأكمله وقد حملت الأمانة وقادتها بكل إخلاص، عاشت ثورية التشدد والاعتدال وقررت استخدام كل الطرق للعودة .

فقد تنقلت هذه الحركة من عمليات فدائية مركزة و معارك برية صغيرة الى حروب عصابات أشد قسوة وأكثر شراسة من حروب كلاسيكية بين جيوش نظامية ، الى مرحلة السلام . فمن هجوم السلاح الى هجوم السلام !!!!! هنا سيقف القارئ ليسأل ماهو هذا هجوم السلام وكيف للسلام أن يكون هجوما ؟؟؟

وهنا أقول ان فتح ومن خلال هذه الخبرة العميقة في هذا الصراع استطاعت أن تعرف تمام ماذا يريد العالم هل نستمر في المقاومة الى الابد ؟؟؟ هل نقود ثورة مجهولة الأهداف؟؟؟ هل نمشي بلا هدى ؟؟؟ فالأمة العربية كانت من تفكك الى تفكك ومن نزاع الى نزاع ، فحرب الخليج الأولى كسرت الظهر العربي ، فحتى هذه اللحظه مازلنا نعاني ويلات هذه الكارثة التي لا ندري متى ستزول فالتاريخ مازال يعاقبنا ، فمنذ سبعة عشر عاما وحتى اللحظة نعيش ويلات هذه الحرب التي كان الشعب الفلسطيني أكثر المتضررين منها ، فقد تغيرت المعادلة ، نعم حرب الخليج غيرت المعادلة وقلبت كل التوازنات ، بل ومازاد الطين بلة انهيار الاتحاد السوفيتي الذي كان نوعا ما يشكل توازن قوى عالمي نرتكز عليه ولو بالكذب أحيانا ، اذا فقد أصبح العالم بقيادة واحده وعصى واحدة وهي عصى الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الاستراتيجي والتاريخي لاسرائيل ، فأصبحت بين ليلة وضحاها الآمر الناهي ، الحاكم والجلاد ، والعرب منهمكون في لملة الجراح اللامتناهية .

هنا وضعت القضية الفلسطينية على المحك فأما أن تنسى أو ان نضعها في اطار نضالي جديد واستراتيجية ثورية مغايرة تتماشى مع الوقائع والمعادلات السياسية المفروضة بقوة عليانا ، اختارت فتح هجوم السلام ، وبدأت مرحلة العودة وتماشت مع القرارات الدولية بعد ايمان عميق أن العالم تغير ولابد أن نثبت اسم فلسطين ولو على جزء من فلسطين التاريخية ، ومع هذا كله اتهمت فتح بأنها المشروع الأمريكي في المنطقة ، لكن الحق يظهر ولو بعد حين ، شاء الله ان تنطلق انتفاضة الأقصى المباركة لتعود فتح وتؤكد أنها مانسيت بندقيتها ولا همشتها ولكن وكعادتها كان ضمن استراتيجيتها أن لكل مقام مقال ، فكانت من قدمت التضحيات من خلال أجنحتها العسكرية و أعطت جيشا من الشهداء فداءا لفلسطين ، كانت من أقر بتعددية السلطة وشدد على الوحدة الوطنية النابعة من الاستراتيجية الثورية الموحدة وقررت اجراء انتخابات تشريعية جديدة لتشرك كل الأخوة في اتخاذ القرار وكانت تعلم جيدا أنها ليست مستعدة الاستعداد الكافي لخوض مثل هذه الانتخابات ولكنها أبدت المصلحة الوطنية العليا على مصلحتها ، ومع كل هذا لم تسلم فقد اتهمت بأنها تعيق هذه العملية الديموقراطية وتقف جدارا أمام استمرارها ، وتعود فتح لتضحي ولن أقول تنازل كما يسميه البعض ، لأن فتح ماعودتنا على التنازل ولكن عودتنا على التضحية والتضحية من أجل فلسطين فقط ، وقررت المشاركة في أول حكومة وحدة وطنية لا تكون فيها فتح من يملك السلطة المطلقة ، وهذا لتساعد أخوتها وشعبها على اجتياز هذه المحنة وهذا الحصار الجائر ، الحصار الذي كان سببه وبكل فخر الديموقراطية الفلسطينية .

ومع هذا ايضا لم تسلم فتح من الاتهامات ، فللقارئ أن يحكم وليكن منصفا ، أليست فتح تاريخا من تواريخ التحدي و أسطورة من أساطير التضحيات؟؟